مازن عباس : يكتب عن السلطة الاخوانية الفاشية


خاص الخبر نيوز “alkhabrnews”

أن يستعرض بعض السلفيين من ضيقي الأفق والمتعصبين لحكم الاخوانجية في الهجوم علي برنامج “البرنامج”، فهذا امر مفهوم؛ لأنهم يبحثون عن اي مبرر وهمي لضرب انصار التيار الليبرالي. لكن دخول هيئة حكومية على خط محاربة الابداع اصبح امرا غير مقبول يستحق التحرك لمحاصرة هذا الهراء.

الهيئة الحكومية التي فشلت علي مدار سنوات طويلة في انقاذ المستثمرين من الآلة البيروقراطية الفاسدة، التي تمتص جهودهم، ما أدى لانخفاض حجم الاستثمار خلال عام 2010أكثر من 50 %، وتراجع صافي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر من 13.2 مليار دولار خلال العام المالي 2007/2008 الى 6.8 مليار دولار خلال العام المالي 2009/2010 ، نتيجة لانخفاض حركة تدفق رأس المال الأجنبي. وستلقي ادارة الهيئة تبعات تقصيرها علي تداعيات الأزمة المالية العالمية عام2009، وستتجاهل الحديث عن دورها واجراءاتها لتجاوز هذه التداعيات في جذب الاستثمارات. لكن الوضع عام 2007 لم يكن افضل، حيث لم تبلغ حصة مصر من الاستثمارات الأجنبية والعربية المباشرة أكثر من مليار دولار- بحسب بيان حكومة احمد نظيف..

هذه الهيئة تركت مهماتها مهملة وقررت النزول لميدان تأديب معارضي محمد مرسي ممثل الجماعة المحظورة في مؤسسة الرئاسة. وليست هذه السابقة الأولى التي يستخدم فيها مكتب ارشاد الجماعة المحظورة مؤسسات حكومية لضرب وسائل الاعلام، حيث لجأ إلى إدارة ”النايل سات” التي اصدرت قرارا بقطع الارسال عن قناة ”دريم” نوفمبر العام الماضي دون اي انذار او بلاغ، والتي استندت في قرارها- بحسب ادارة ”النايل سات”- إلى حقها في المطالبة بحقوقها المالية لدى البعض، والسعي لتنظيم عملها، وتطبيق القوانين للحفاظ على مستحقاتها. وطالبت ادارة ”النايل سات” آنذاك، قناة ”دريم” بأن تلتزم بشروط العقد المبرم بينهما، الذي يتضمن أن تبث من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي .رغم حصول هذه القناة علي موافقة وزير الأعلام عام 2006 بالبث من خارج مدينة الإنتاج الإعلامي، بعد ان قطعت الارسال عنها.

ولاشك أن قطع البث عن قناة “دريم” الذي كان قرارا سياسيا بامتياز تميز بالذكاء مقارنة بإنذار هيئة الاستثمار التي اخذت علي عاتقها توزيع الاتهامات جزافا في انتقادات محل خلاف ينظر القضاء فيها. ويبدو أن رئيس الهيئة لا يعبأ بالقضاء ورجاله – سائرا على خطى الرئيس مرسي- فأصدر حكما وهدد بالتنفيذ!!! بل واتهم الإعلامي باسم يوسف (بالتعرض لرموز الدولة، وشخصيات عامة بالإهانة والتهكم والاستهزاء والتشهير….!!علاوة على عبارات الإسفاف والتطاول..) اين وجدت هذه الهيئة التي نسخت بلاغات الاخوانجية في انذارها كل هذا؟؟رغم تأكيد المتكرر باسم يوسف في برامجه رفضه لاحتكار البعض تمثيل الإسلام، والادعاء بأنهم من يمنح صكوك الحلال والحرام، وحق الدخول إلي الجنة والنار…. فأين الإساءة؟ خاصة وأن بعضا من هؤلاء قد ادانته المحاكم المصرية واصدرت احكام بالسحن بحقهم.

لاشك أن تملق ادارة هيئة الاستثمار لممثل الإخوان في مؤسسة الرئاسة، عبر هذا الاجراء قد ورط الهيئة في انتهاك فظ وصارخ للدستور الذي وضعه الإخوان انفسهم، لأن انذار هيئة الاستثمار لقناة سي بي سي يعد تدخلا في مضمون الخطاب الاعلامي، ما يخالف الدستور المادة(48) التي تنص على “حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام والإسهام في تكوينه وتوجيهه في إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي، ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائي”.

ثم لماذا لم توجه الهيئة “الشرعية” للاستثمار انذارا مماثلا لقنوات الحافظ والأمة والحكمة، التي تخوض في اعراض النساء وتسئ للرسول؟؟ اسئلة كثير تثير الشبهات حول موقف هيئة الاستثمار، التي تصدت في قضية سياسية لدعم فصيل يلقى معارضة شعبية واسعة تصل لحد المطالبة بإسقاطه من السلطة، فيستخدم هذه الهيئة كأداة من ادوات السلطة لقمع حرية التعبير والابداع، رافعا اشخاصا على غرار مرسي وغيره لمصاف الآلهة في جانب محدد، وهو تكفير او تجريم من يوجه لهم النقد، او يسخر من مواقفهم او تصريحاتهم التي تتضمن تضليل او معلومات كاذبة، دون ان يتعرض لشخوصهم باي اهانة او تجريح.

المسألة لم تتوقف عند انذار هيئة الاستثمار الذي يشكل انتهاكا للدستور، وانما استمر لتنهال على النائب العام الموالي للإخوان بلاغات “كيدية” ضد الإعلامي باسم يوسف تارة تتهمه بازدراء الأديان، وتارة أخرى بالتحريض على الحرب الأهلية، ثم تأتي مؤسسة الرئاسة التي حرضت الجماعة المسيطرة عليها الحملة المعادية للإعلاميين، لتخدعنا بتصريحات تحاول التنصل فيها من الحملة المسعورة ضد الإعلاميين، مفادها انها تحترم حرية التعبير وحرية الصحافة، وتنفي الوقوف وراء الاجراءات القضائية ضد باسم يوسف، بعدما عبرت واشنطن عن قلقها من التطورات في مصر. وتواصل الرئاسة الضحك على الذقون، بالقول ان استدعاء النيابة لأي مواطن مصري بغض النظر عن صفته وشهرته هو قرار من صميم اختصاص النائب العام، وكأن النائب العام- الذي يرفض ترك منصبه بتحريض من الإخوان متحديا احكام القضاء غير موال أو أداة في يد الجماعة المحظورة ،رغم رفضه تنفيذ حكم صادر عن محكمة استئناف القاهرة بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بعزل المستشار عبد المجيد محمود من منصب النائب العام وبإعادته إلى منصبه.

بل ان هذا النائب العام المثير للشبهات يصدر قرارا بإحالة الصحفي جابر القرموطي إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق في بلاغ “كيدي” ايضا، بتهمة بتكدير السلم العام، ونشر أخبار كاذبة والتعرض لرجال القانون بسوء، استنادا إلى واقعة استضافته على الهواء مباشرة لشيماء أبو الخير المستشارة اللجنة الدولية لحماية حقوق الصحفيين (وهي منظمة عالمية تُعنى بحرية الصحافة وتدافع عن حقوق الصحفيين في التغطية الإخبارية دون الخوف من الانتقام)، واستعرضت شيماء ابوالخير بيان اللجنة حول الأوضاع في مصر… ما يعني ان الاتهام بتكدير السلم العام يوجه إلى اللجنة وليس لمن نقل الخبر، وإلا كان يجب اعتقال مالك قناة الحافظ ود. بدر عبد الله علي خلفيات التهديدات بضرب وقتل من ينتقد مرسي، لأن هذه الاتهامات تثير الفتنة وتهدد بتكدير السلم العام، لكن هؤلاء من أهل البيت الإخواني، ولا حرج عليهم بحسب منطق ورؤية هيئة الاستثمار والنائب العام!!!!

وكما هو واضح ستستمر حملات نظام مرسي الاخواني لقمع الصحفيين ووسائل الاعلام المستقلة التي تفضح سياسات السلطة الاخوانية الفاشية. بل وستطال القضاء المصري كما هدد مهدي عاكف المرشد السابق للجماعة المحظورة وصاحب اشهر عبارة في تاريخ مصر (ظز في مصر….) الذي كشف عن ان مكتب الإرشاد يعد قرارا بعزل أكثر من ثلاثة آلاف قاض وإحالتهم للمعاش.

لقد بدأت المرحلة الثانية من اخونة مصر بقمع حرية التعبير والابداع، وحرية الصحافة والاعلام، وتجريد المجتمع من سلاح القضاء كضامن لتنفيذ القانون، ما يستوجب تحركا فاعلا ضد اجراءات وقرارات النظام الحاكم، التي لا تؤسس على اي سند قانوني او دستوري، بل انها تنتهك الدستور الذي تم تفصيله في دهاليز الجماعة المحظورة.

ومرة اخرى – كما سبق وقلنا نكرر- ان الإعلاميين لا يحملون سلاحا، ولا مولوتوف انهم يصنعون الخبر، وينقلون الحدث، فهل اصبح مشروعا تصفية صاحب الكلمة لان هناك من يختلف معه او يسعى للتعتيم على الحقائق؟؟ هذا هو سلوك الأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية الفاشية التي تشعر بالاختناق عندما يفضحها الاعلام.

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *