أشرف كمال يكتب عن : عداء الاخوان للاعلام .. لاينتهى
خاص الخبر نيوز “alkhabrnews”
مع انتهاء انتخابات نقابة الصحفيين في مصر، واستعادة رجال صاحبة الجلالة نقابتهم، وتصاعد هجوم وانتقادات جماعة الإخوان المسلمين للإعلام والإعلاميين وما تعرضوا له من اعتداء أمام مقر مكتب الإرشاد، وتصرحيات قيادات الجماعة التي تنم عن سعي حثيث الى اختزال مشاكل مصر الاقتصادية والسياسية في الإعلام وأداء الإعلاميين، بعيدا عن فشل سياسة النظام صاحب القرار وعجز حكومة تتحرك بقرار من مكتب الإرشاد لا من وحي ضمير الوطن واحتياجات المواطن
فلم تكن صدفة أو زلة لسان من مرشد جماعة “الإخوان المسلمين” الدكتور محمد بديع عندما وصف الإعلاميين بـ “سحرة فرعون” وردد كلامه من بعده قيادات وكوادر وأنصار الجماعة في المجتمع المصري، واليوم يطالب المرشد الإعلاميين بأن “يتقوا الله..”.
ثم يخرج علينا المرشد السابق مهدي عاكف مهاجما الإعلاميين قائلا: “إعلام فاشل.. وصحافة فاشلة، وللأسف الشديد الإخوان يواجهون كل هؤلاء، ولكن كل هؤلاء في سلة واحدة لا يساوي شيئا.. الشارع المصري يحب الإخوان، والإخوان موجودون في الشارع المصري”.
ومن قبل، هدد القيادي في الجماعة نائب رئيس حزب “الحرية والعدالة” عصام العريان بمظاهرات حاشدة أمام منازل الإعلاميين الكبار إن لم يكشفوا عن رواتبهم وحجم ما يتقاضون من أموال.
لقد تجاهلت جماعة “الإخوان المسلمين” أن الإعلام الذي يهاجم اليوم هو نفسه الذي كان داعمهم في مواجهة استبداد ودكتاتورية النظام الذي كان يقمع حريتهم في العمل السياسي، وتجاهلت كذلك أن معطيات العمل العام في مصر الثورة اختلفت عما كانت قبل 25 يناير 2011 ، وأن المواطن الذي ثار ضد الظلم قد كسر حاجز الخوف وامتلك زمام التغيير إلى مجتمع يتمتع بحرية الفكر والرأي والتعبير دون قيد أو تقييد من جانب السلطة والحاكم، مادام يلتزم تقاليد وآداب وثقافة المجتمع ويلتزم بمبادئ المهنة.
ولكن الجماعة التي تقوم على أساس السمع والطاعة دون جدل أو نقاش، كيف تؤمن بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وتنوع الفكر والرؤى، فالقيادي السابق في الجماعة رئيس حزب مصر القوية عندما تمسك برؤيته التي خالفت رؤية الجماعة، فلم يكن له سوى الاستقالة والتغريد خارج السرب، وكذلك الأمر مع الدكتور محمد حبيب والمحامي والخبير القانوني مختار نوح وعبد الجليل الشرنوبي والقيادي السابق عبد الستار المليجي وغيرهم .
ومع سعي الجماعة الواضح في التمكين للاستحواذ والسيطرة على مفاصل الدولة المصرية، في تكرار لسيناريو الحزب الوطني والنظام السابق، وما يقوم به الإعلام بالكشف عن كل هذه المحاولات ونقل الخبر والصورة من موقع الحدث دون رتوش، معززة بالوضع الراهن الذي وصلت إليه مصر من تدهور أقتصادي وأداء سياسي باهت وعدم تحقيق طموحات الثورة وانشغال الجماعة بتسكين قياداتها في المراكز المرموقة في الدولة المصرية .
الجماعة فشلت حتى في احتواء غضب المعارضين من المتظاهرين والقوى السياسية، ولم تتحمل الرأي الآخر، كما لم تفلح في أن تبحث عن نقطة التقاء مع هذا الآخر فدخلت في مواجهات شتى، وكانت للصحافة نصيب من هذه المواجهات.
المشهد العام للعمل الصحفي في مصر لم يخل من السلبيات التي يمكن تداركها، فيما يظل في الأعم الأغلب ناقلا للحقيقة دون تحريف، ومقدما الصورة دون رتوش، وما يُقدم من رأي أو وجهة نظر، إنما يأتي في ضوء هامش الحرية الذي خلقته ثورة الشباب والذي فرض على الجميع احترام قواعد الديمقراطية إن كان الهدف صالح الوطن.
فالإعلام لم يطلق الرصاص على شهداء بورسعيد، عقب الحكم في مجزرة الإستاد التي راح ضحيتها 72 مواطنا لم يرتكبوا ذنبا سوى انهم محبو كرة القدم والنادي الأهلي، والإعلام لم يصدر قرارا بحظر التجوال وإعلان الطوارئ في مدن قناة السويس، والإعلام لم يُحرض أهالي هذه المدن على الخروج تحديا لقرار الرئيس لفرض الحظر.
والإعلام كذلك لم يُصدر الإعلان الدستور في 21 نوفمبر 2012 وكان سببا في الأزمة التي تعيشها مصر اليوم، ولم يحاصر المحكمة الدستورية، ولم يعتد على المعتصمين أمام قصر الاتحادية الرئاسي.
والصحافة لم تصدر قرارا بتعيين محافظين ونواب محافظين ورؤساء مدن ينتمون الى قيادات الجماعة ومكتب الإرشاد، بل كشفت ذلك للمواطن الذي بات يدرك الطيب من الخبيث ولا يحتاج لما يؤثر في إرادته وقدرته على الاختيار.
ما لم تدركه الجماعة أن المواطن المصري لم يعد ذلك المواطن المغلوب على أمره غير المدرك لحقوقه وواجباته، بل هو ابن القرن الحادي والعشرين، عصر التكنولوجيا والعمل والمعرفة، والتأثير والتأثر بما يدور حوله من أحداث يمكن أن تحدد مصيره ومستقبله، يرغب في أن يكون شريكا في الحكم والقرار مادام يتعلق بالمجتمع الذي يحتويه.
يقينا فإن مصر تشهد محاولات لترهيب الإعلاميين المعارضين لجماعة “الإخوان المسلمين”، التي ما زالت تسعى الى تحميل أخطائها للصحافة والصحفيين، في حين أن المشكلة في السياسة وليس الإعلام، وأن هنا الهجوم الممنهج على الصحافة والإعلام يدخل في إطار خطوات الجماعة لتطويع الأقلام والكاميرات في طريق السيطرة على الدولة المصرية، وأن رفض الإعلام طاعة الإخوان يجعله في مرمى سهام النقد والكرهية من جماعة لا تريد أن يسمع أحد إلا صوتها ولا يقرأ أحد إلا ما تكتب أقلام مرشدها.
.
|